الاخوان و المرزوقي المهزوم يتلاعبان- المنصف المزغني



منصف المزغني
الاخوان و المرزوقي المهزوم يتلاعبان 
1-
انتهى التشنّج بين الرئيسيْن المتنافسيْن ، وهاتَفَ منصف المرزوقي خصمَهُ الباجي قائد السبسي مهنئا وثمّن الأخير هذه للمهاتفة كفعل حضاريّ ، بل أكّد أنّه سوف يحتاج الى "خبرة " الرئيس السابق " ونصائحه "، وأمّا راشد الغنوشي ، فقد بعث رسالة تهنئة للمنصور ورسالة تهدئة لجمهور المهزوم .

2-
ارتاح اكثر من نصف الشعب لهذه النتيجة ، وكان من الطبيعي أن يغضب أقلُّ من نصف الشعب الباقي ، ولم يمرَّ انتصارُ صندوق السبسي على المرزوقي دون غضبٍ يمكن التماسُ فهمه ، ولكن دون عذر، فقد كانت صناديق اقتراع الجنوب التونسي ترشحُ وَ تطفحُ بل وَ تشطحُ بالأصوات لصالح المرزوقي ، ومن كان في الجنوب وعاش مع الناس رأى بعينه وسمع بأذْنه كيف أنّ الناس مجمعون على رئاسة الابنِ المتبنَّى مؤقّتًا من قِبَلِ النهضة ،وابنِ قبائل الجنوب . واذا كان اسم المرزوقي هو الأبرز في الجنوب بفارق مهولٍ بينه وبين خصمه الباجي ،فإنّ الأخير كان الأبرزَ في الشمال بفارق أكثرَ هولاً وإرعابًا للخصم، فهناك حوالي 350 ألف صوت شكّلت الفارقَ الفاصلَ الذي حسم المعركة على كرسيّ الرئاسة التونسية الاخيرة لصالح الباجي قائد السبسي .
3-
اجتازت تونس امتحانها السياسي التشريعي والرئاسي ، فحزبُ المرزوقي لم يفز الا بإربع مقاعد في البرلمان ، و ترشح باعتباره مستقلاّ ولا يمثل اي حزب ، ولا بد من قواعد للدخول الى الانتخابات الرئاسية ، ولكن لا قواعد له غير أنفار معدودين من حزب (المؤتمر من اجل الجمهورية ) الذي أسسه المرزوقي ، وتبين ان تسميته العلمية والعملية الصحيحة هي حزب المؤتمر من اجل رئاسة الجمهورية) " ، وهذا الحزب ، على صغر حجمه ، قد تفتّت في أحزاب صغيرة .
4-
كان لا بدّ للمرزوقي أن يفوز ضدّ مصطفى بن جعفر ( ضرّته في الزواج السياسي مع الاخوان ) في سباق الحبّ نحو حركة النهضة التي لم تترشّحْ للرئاسة ، فكان للمرزوقي الحبّ والتعاطف والتأييد من قواعد النهضة ال "جاهزة" للثورة ، ولحماية " الثورة " مع الرئيس "الثائر " الذي بدأ يحسّ بعد التشريعية ( أكتوبر 2014 ) أنّ عضلاته السياسية باتت أقوى بجمهور مستعار يمكن ان يستوليَ عليه و يهاجر من النهضة لنصرة المرزوقي ، فقد كان هذا الجمهور هو السلّم الذي عليه ارتقى سدةَ الرئاسة في الدورة الاولى (نوفمبر 2014 )، والآن يمكن ان يكون جمهور النهضة الناخب هذا ، هو السجاد الأحمر التي يمكن أنْ ينفرشَ أمام المرزوقي للوصول الى الرئاسة من جديد، فَهمُّ المرزوقي الأكبر هو أن يصبح منتَخَبًا،لا مؤقّتًا ، وخوف المرزوقي الأكبر هو إن يكون مصيره السجن مثل المصريّ مرسي .
لقد أحسّ المرزوقي انه قريب بصفة شرعية من قصر قرطاج ، وبإرادة الشعب ، بعيد عن أيّ التباس .
و أحسّ أيضاً أنّه أرهق أعداءه في إحصاء أخطائه ، ولكنه لم يتمتّعْ بالقصر، ولم ينعم بالشرعية ، وفرحته تتمثل في أنْ يفوز بها، و يولدَ رئيساً منتخبًا خارجًا من حرارة صندوق الاقتراع لا من جبة شيخ الإجماع .
5-
ا) - كان لا بدّ من "لابُدّاتٍ " في حملة رئاسية :
----------------------------------
لابدّ للمرزوقي من شعارات وموادّ سياسية لملء الفراغ في الجموع المحتشدة / ولا بدّ له ان يلعب كرة القدم لإغاظة الباجي / ولا بدّ من رقصة مع الجماهير في أماكن لا يستطيع الباجي وطْء هوائها / ولابدّ أن يلبس البرنس التونسيّ / وَلا بدّ من الكرافات العصرية / ولا بدّ من تقديم حساب بكل ممتلكاته/ ولا بد ّ للدكتور ان يقدّم شهادة طبية تفيد قدرته الصحية على أعباء الرئاسة / ولا بدّ أن يجوبَ أنحاء البلاد شمالا وجنوبا ووسطا وشرقا وغربا / ولابد ان يخطب في المناطق التي تحبه ، وحتى حيث طاردته الجماهير مطاردة حتى يرحل دون ان يقول كلمة واحدة .
ب ) - ولا بدّ من "إذَاءَات" استباقية :
------------------------
اذا نجح الخصم ، فلأنه زوّر النتائج / واذا نجح فلأنّ الاعلام لم ينصفه / واذا نجح الآخر فلأنّ القوى الأجنبية مكنته من الرئاسة عبر المال السياسي الذي لا يحبّ النصر للربيع العربيّ .
ج) - ولابدّ من وعيد وَ وُعود :
----------------
قال المرزوقي إنّ له برنامجَ تصفية: " إن المعركة لا تزال متواصلة مع المنظومة القديمة ويجب تصفيتها سياسيًا وثقافيًا وحضاريًا" وأمام احتمال عودة الدكتاتورية ،فإنّه الضامن للحريات ، ولطمأنة جانب من جمهور لا يحبه ولكن يخافه ، قال المرزوقي : "نحن أمام خطر عودة الديكتاتورية وتعطيل تشكيل الحكومة المقبلة، وسأتعامل مع أي حكومة في حال فوزي بالرئاسة، وأكذّبُ كل ما يروَّجُ عن إمكانية حليّ للبرلمان" .
6-
حين قال الصندوق : لا،كان جواب المهزوم جاهزًا ، ولم يشأ المرزوقي إلاّ أن يعلّق على فشله الصندوقيّ بالفهم الاستهلاكيّ السوقيّ ، فلقد ظن بإمكانه ان يستولي َ على الجماهير الساخنة التي باتت رأسماله الانتخابي، وتوهّم انها ستواصل حبّها الوفيّ رغم فقره الواضح ، وتعتبره رمزَ الربيع البديع ، وهي وفيّة ٌ له ، ولكنه لا يثق في أيّ صديق ، وما عليه إلاّ أن يتمسّك بمنتخبيه و يغريهم بأيّ ثمن ، وفي الحين فقد كان متمثلا القول الفرنسي : اطرُق الحديدَ ما دام ساخنا !
كيف ؟
سوف يتذكر المرزوقي أنّه مستقلّ و مستقيلٌ من حزبه ( المؤتمر من أجل الجمهورية ) الذي كان زورقًا ورقِيّا أوصله إلى شاطىء الرئاسة ، وسوف يتنبه إلى أنّ جماهيره باتت أكبر من قواعد "النهضة" نفسها ، وحدّد خارطة النقمة عند الناس ، وحسب الثورة عند البعض الاخر ، ولم يستطيع الإغراءَ إلاّ بتقديم هدية عاشق مقهور : الإعلان، من جديد، عن تمسكه بالمعشوق ، ولا مناص من "الإعلان عن حزب جديد"، وكأن ّ هذا هو مطلب الناخبين الناقمين الصابرين العاشقين !
7-
حين أعلن المرزوقي عن اسم الحزب الجديد الغريب ، لم يسمعْهُ في ذلك الطقس البارد ، وبين تلك الحشود ،إلاّ الناطق باسم حملته الانتخابية ، فكان كمن تلقّى صفعةً قويةً على وجهه، فأدار رأسه عن الكاميرا وهو يقول في سرّه ( الله ، ماذا سأقول في التبرير ؟ ) إنّ هذا الناطقَ شعر بالخرَس وبوطأة ما سمع من مفاجأة ، وعليه أنْ يفكّر في مخرج وتبرير ، فاسم الحزب المعلَن من قبل المرزوقي خلق ارتباكًا في أفهام الأمّيّين ، قبل عقول المثقفين حيث لا أحد استطاع أن يشرح اسم المولود الجديد فور الهزيمة :
"حركة شعب المواطنين " وصار " حراك شعب المواطنين " أو "حركة شعب المواطنين"
وتساءل الناس : هل هم من الشعب ؟ أم من المواطنين؟ وهل همُ الحراكُ الذكَرُ أم الحركةُٰ الأنثى ؟ أم هي معركةُٰ حركةٍ في حراك ؟ .
8-
قال المرزوقي في حملته الرئاسية :
- إذا كان هناك من يوحّد البلاد فهو أنا وليس خصمي الباجي قائد السبسي.
غير أنّ مجرد تسمية الحزب جعلت الناس يتفرقون، فهذا الرئيس المنتهية مهمته ، كان عاجزًا لا عن تأليف قلوب التونسيين ومصالحتهم مع أنفسهم ، ولكن برْهَنَ ، بالدليل القاطع على فشله الساطع في تأليف اسم لحزبٍ ، غالبية جماهيره مسروقة من قواعد النهضة وأحزاب أخرى .
9-
الملاحظ أنّ المناطق التي فاز فيها المرزوقي هي نفسها التي عرفت في التشريعيةُ "تغوّلَ " النهضة، وهكذا، فإنّ الاخيرة عرفت مرة رقمها الثاني في التشريعية من خلال مقاعدها في البرلمان ، وتأكّدتْ من وزنها الرئاسي الثاني من خلال آلةِ وزنٍ اسمها " منصف المرزوقي " ، وهكذا ، عاش الاثنان حصة ألعاب ، فكلاهما لعب بالآخر ، و (الحساب جيِّد ) كما يقول الفرنسيون ، بين الاخوان والمرزوقي .
بقلم الشاعر المنصف المزغني 

..حذار من الفتنة ....ما اشبه اليوم بالبارحة ....


حذار من الفتنة 
بقلم فرح العبدولي ( ناشط سياسي و جمعياتي ) 

نشر هذا المقال  يوم 14 فيفري 2011)


تطالعنا الصحف الوطنية والمنابر الحوارية التلفزية والاجتماعات والتظاهرات النقابية والثقافية والبيانات الكثيرة الصادرة منذ اندلاع الثورة عن عديد الاشخاص وبعض الجمعيات والمنظمات... وحتى المتداولة في حلقات النقاش والجلسات العادية في المقاهي والشوارع... تطالعنا بخطابات واتهامات خطيرة تتسم أغلبها بالتخوين والعمالة واللصوصية... موجهة الى كل من كانت له صلة بالتجمع الدستوري الديمقراطي سواء بالانخراط أو النشاط أو التعامل الثقافي أو السياسي أو المهني، فقد لاحظت مثلا في أحد المقاهي كيف تكال التهم الى شخص (رجل تربية) لمجرد أنه كان ينشط في هيكل تجمعي، وحضرت أيضا في اجتماع بإحدى الوزارات هذه الأيام ولاحظت كيف كانت الجموع والأفراد تتبادل التهم وتتسارع في توجيه أفضع النعوت الى بعضها البعض... وأحيانا تنطلق الدعوات بالاقصاء والتهميش والطرد والقصاص من بعض الأشخاص أو الجمعيات التي كانت في علاقة ما بالتجمع بحكم المهنة أو النشاط السياسي أو الجمعياتي وأيضا بحكم الاقتناع والرغبة في النشاط ايمانا بالشعارات التي كان ينادي بها «التجمع» ومهما يكن الحال... وجب الانتباه الى هذه الظاهرة والثقافة الخطيرة التي انتشرت بين فئات الشعب وأفراده... وهي تنذر بالاخطر لأنها ستفرق بين الزملاء والأصدقاء والأخوة وتنشر البغضاء والنقمة والعداوة... وساعتها ستذهب دماء الشهداء هباء، وستكون ثورة 14 جانفي بداية مرحلة اقصاء وفرقة جديدة أصبحت أرى العديدين هذه الأيام يغذيها ويؤسس لها بالعمل على نشر «ثقافة التخوين والاجتثاث» في عدة فضاءات اعلامية ونقابية وثقافية... وهنا وجب الانتباه والحذر...
ويجدر بنا أن نذكر عديد الأخوة والزملاء والأصدقاء في عدة قطاعات ونطلب منهم العودة بالذاكرة الى الأمس القريب خاصة خلال العشرية الأخيرة كيف كانت أنشطة وبرامج «التجمع» تعم البلاد وتكتسح المؤسسات العمومية والجامعات والمعامل والضيعات الفلاحية والقرى والأرياف... وكانت الناس بمختلف تشكيلاتها ونخبها وشبابها منخرطة فيها بإرادتها وغصبا عنها.
أبت أو لم تأب؟ لأن لا حكم فوق حكم التجمع. فحتى الوزارة والسفراء ورجال الأعمال والمتنفذين بالجاه أو المال أو سلطة العائلة والعلاقات الدولية من الدوائر الأجنبية وغيرها... كانت لا تستطيع أن ترفض سياسة التجمع أو دعواته وفروضه ونواهيه. فكم من واحد منا وجد نفسه مقحما في هيكل أو نشاط تجمعي وهو لا يعلم بذلك... أو أنه يعلم ولا يستطيع الرفض؟! أو أنه سعى الى ذلك بارادته خوفا أو طمعا أو ردا للاتهامات الكثيرة والأخطار المحدقة من ميليشيات متنوعة، فيكفي أن تكون التهمة «اخوانجي.. أو منتمي الى منظمة ارهابية أو التعامل مع جهة مشبوهة... أو يساري خائن أو بعثي أو ناصري.. أو يتم استفزازك أو التحرش بك... إلخ والنتيجة تصوروها بأنفسكم.
ألم نكن ـ يا سادة ـ كلنا مختطفين ومجبرين بالتواجد ضمن دوائر الحزب أو هياكله المشابهة والمستنسخة منه كبعض الجمعيات أو الاحزاب أو المؤسسات العمومية؟
ألم يكن التجمع نفسه مختطفا من جنرال يأمر فيطاع، وهو أيضا مختطف من عائلة لها المال والنفوذ والسلطة والعصابات الاجرامية التي تسير وتأمر الناس بأسلوب مافيا المخدرات...؟
انتبهوا أرجوكم ان هذه الاتهامات الخطيرة الموجهة نحو المنتمين أو الناشطين أو المتعاملين مع «التجمع» وهياكله كالاتهامات الموجهة هذه الأيام الى بعض الزملاء من مديري ومنشطي دور الثقافة أو الشباب... والتي وصلت الى حد التخوين والتهديدات المباشرة والتصفية الجسدية تنذر بالوبال والفتنة وهي أدت لدى العديدين من النخب والمثقفين والمناضلين الشرفاء والوطنيين الأحرار الذين كانوا منخرطين في برامج التجمع بأي صورة كانت، أدت الى انتشار حالة من الارهاب النفسي والخوف على الارزاق والأبناء والأهل خاصة في ظل هذا الفراغ الأمني الرهيب والانفلات الاعلامي المخيف الذي توهم البعض أنه «تحرر»؟!؟ ولكنه تناسى أخلاقيات المهنة.
فكم من بيان نقابي أو جمعياتي أو نقاش ضمن برنامج حواري كان عبارة عن دعوة صريحة الى الانتقام والقصاص من أقرب شخص أو هيكل تجمعي حتى بالشبهة؟! والحال أن كل من مشت به قدم من التونسيين بالامس القريب كان لا حولة ولا قوة له أمام جبروت وآلة وسياسة «دولة التجمع» ومن اختطفوه ووظفوه لصالحهم لقضاء نزواتهم ومآربهم هذا بالطبع (خلال العهد البائد) في ظل «غياب المؤسسات القانونية العادلة وغياب المساواة وتهميش المنظمات الحقوقية والنقابية...
وتدجين المثقفين والسياسيين الشرفاء وأيضا في واقع «طرابلسي» وبوليسي رهيب ومخيف... فبالله عليكم هل كان الواحد منا خاصة من كانت له أسرة وأحلام وطموحات يستطيع أن يتمرد على سياسة السيطرة والانتهازية والمحسوبية والرشاوى التي كانت متفشية في جميع نواحي حياتنا، المؤسسات العمومية، الجامعات، المنظمات... وكان الأمل أو الاعتقاد السائد مرتبط ببطاقة «الحزب» لضمان رزقه ورزق من انتظروه من الأهل ولضمان تحقيق أحلامه البسيطة في النجاح والعمل... وهل كان الواحد منا يا زملاء ويا عقلاء ويا أبناء تربتنا يستطيع أن يتمرد على واقع مر وقاس خانوه من سبقونا في السياسة والثقافة والنقابات والادارات فخضعوا وأحيانا ساهموا في تركيز دعائمه «اللاقانونية واللاأخلاقية القائمة على التسليم والتصفيق والتسبيح... وهم أحيانا يدعونه ويأمرونه أن يتناغم مع الواقع ويتأقلم مع الموجود بعبارات «هبط راسك باش تتعدى» «طيح شوية ـ سكر فمك باش اتعيش» ـ ما اتعاندش الي أكبر منك في الادارة ـ الواحد ما عندو كان يسلم ـ هذاك واقعنا ـ «هذي هي بلادنا» ـ أشكون أنت باش اتغير ـ «فكر في أهلك وأولادك»؟؟؟ الأوامر والنصائح «الاخضاعية» كثيرة وقائمة الدعوات الى التسليم والرضاء بالموجود أيضا طويلة يعلمها كل من اكتوت نفسه وحفت رجله في البحث عن عمل أو حلم بتحقيق نجاح في أي مجال.
اذن هل يجوز أن نتحدث عن التخوين وتلفيق الاتهامات الى من كانوا مجبرين على الانخراط أو النشاط ضمن التجمع بصدق وشرف ومسؤولية؟؟
ـ ألم يكن التجمع نفسه وهو رئيس الحزب الحر الدستوري محرر البلاد وباني دولة الاستقلال ضحية لعصابات اجرامية ليس لها عقل أو قلب؟
ـ ألم يكن الدستوريون الأحرار المناضلين الشرفاء المنخرطين في التجمع... كانوا بدورهم مختطفين ومأمورين لتمرير سياسات الجنرال «سيء الذكر» وعائلته وعائلة الطرابلسية؟؟
ـ ألم يكن عديد المثقفين والجامعيين والنقابيين والحقوقيين والفنانين والاعلاميين والموظفين الساميين مخدوعين في الشعارات العظيمة للتجمع والبرامج النضالية والثورية التي كان يسوقها ويجند لها جميع امكانات الدولة لتمريره وفرض الاقتناع بها؟
وإني بحكم عملي وارتباطاتي في عديد الجمعيات والمنظمات واللجان كنت واحدا من المخدوعين أمثالهم استسلمت لأوامر ونصائح الكثيرين من سبقونا في «الإيمان والتسليم» وهم خائفون، يريدون للخوف أن يعم الجميع؟؟. اني لا أنكر كغيري من الشباب الطامح وكأمثالي من المنشطين الثقافيين انخراطي بالحضور والنشاط والمساهمة في برامج الاحتفالات والعكاظيات «النوفمبرية» ولا أنكر خشيتي على أحلامي وطموحاتي التي ولدت معي قبل قدومي الى الدنيا بالسليقة بأن أكون «رجلا» له موقع في هذه الدنيا حتى وان استسلمت لفروض وأوامر هذا الواقع التونسي المتجذر في خنوعه وتسليمه على مدى نصف قرن وقد كنت خلال المرحلة التلمذية والسنوات الأولى من الجامعة ثائرا، متمردا رافضا ولكن!؟؟؟ ـ كان أملي في ثورة عظيمة أتحرر معها من واجب الأهل ودعوات الخانعين وتسليم المؤمنين السابقين.
ـ ألم يكن الواحد منا يا زملائي في مؤسسات العمل الثقافي يصاب بالدوار وتتشنج أعصابه عندما تنزل عليه مراسلات وأوامر وزارة الاشراف والوالي والدوائر الرسمية تطالبه ببرامجه الاحتفالية والتعبوية فقط ولا غير؟؟؟
فينجزها ويرسلها الى المعنيين بها وهو يلعن اليوم الذي التحق فيه بقطاع المهمشين في «الوطن»، التنشيط الثقافي، ولكن ما فائدة الندم واللعنة فنحن مأمورون، (أعوان تنفيذ) وليس لنا الا التنفيذ؟
ـ ألم يعلمونا أن الموظف الناجح هو الذي يطبق التعليمات ولا يناقشها ألم يأمرونا أن «المؤسسات الثقافية تحتكم الى العلاقة العمودية في التسيير والبرمجة والتنفيذ وبموجبها تسند الترقيات وتتحقق الامتيازات؟؟ ولكني كنت متمردا على ذلك في حدود ما أستطيع من مناورة.
الواقع يا (........) أننا كنا كلنا شهود زور ومشاركين في عفن وقذارة المرحلة، وكنا مؤمنين ايمان من سبقونا في المهنة وفي السياسة وأوهمونا أننا في المسار الصحيح وهم لا يزالون في وزارة الثقافة وغيرها حتى بعد ثورة 14 جانفي على نفس المسار، فاحذروا دعاة وحماة الأمس القريب لأنهم لا يريدون لنا أن ننهض، وأن نفض من على رؤوسنا غبار ماضيهم المتعفن وسياساتهم الرخيصة... إنهم يريدون لنا أن نتناحر بفعل الفتنة والتخوين التي بدأت تستشري بيننا فوالله ما كانت سياسة تهميش الثقافة والمثقفين الا من صنعهم وما كانت ثقافة الجبن والتسليم والخوف الا من زرع أيديهم فلنوقف موجات التخوين وتبادل الاتهامات والدعوات الى الاقصاء والاجتثاث، فما التجمع الدستوري الديمقراطي الا واقع كان بالأمس القريب يكتم أنفاسنا ويتحكم في أحلامنا ويسير مجهوداتنا، ويشترط الولاء له لنكون أولا نكون؟! ويخدعنا بشعاراته وخطاباته البراقة... ولا ننسى أنه أيضا كان «ضحية» لم يقف النزهاء والشرفاء منه للدفاع عنه.
ان الانتماء الى التجمع وقد كنا مجرد منخرطين في بعض هياكله وأنشطته ليس جريمة أو خيانة بل هو ايمان بمبدإ المشاركة في النضال السياسي، وان فشلت برامجه دون أن نفكر في سرقة أو خيانة أو نقدم رشوة أو عمولة أو نقدم هدية الى أحد المدراء أو الوزراء أو النواب، أو نمارس الخداع والنفاق والتلاعب بالفقراء والغلابة أو نقصي أحدا من الشباب الحالم بالحرية والكرامة الذي كنا نعمل على نشر ثقافة الاختلاف والحوار والجمال فيه... وسيشفع لنا أننا كنا صادقين في السعي الى المشاركة السياسية والثقافية والجمعياتية لصالح العباد والبلاد انطلاقا من ايماننا بالله ووفاء للأرض التي نشأت منها قمودة أو سيدي بوزيد، وسننتظر حتى تتوضح الرؤية ونعاود المشاركة في الفعل السياسي والثقافي والنقابي وأولها الدفاع عن الثورة التي أوقد جذوتها الاحرار من بلدي... وليس لدعاة التخوين والمنتفخة صدورهم وتجار الخطابات والشعارات وأبطال ما بعد الثورة المختفين بالأمس القريب حتى 14 جانفي... أي دور لهم فيها؟.
فقد كان الشباب والبسطاء من بوزيد وتالة والقصرين والى حدود ميدان التحرير بمصر البهية هم صناع الثورة ووقودها.
وما علينا الآن جميعا الاالصدق ومعاهدة الله والوطن في الدفاع عن «المرحلة» والثورة... بالتعاون والتسامح والحوار وتشريك جميع الاطراف دون تخوين أو ترهيب أو إقصاء فتونس الحرة... تونس الخضراء، اليوم وغدا تتسع للجميع.

فلا تفقدوها خضرتها وحمرة دماء شهدائها بالله عليكم..



ما اشبه اليوم بالبارحة , عادت جوقة اعداء الوطن  ينفخون في الفتنة بين الجهات و القطاعات  ابناء الشعب التونسي الواحد ...فبعض وسائل الاعلام تكاد تكون غرف مغلقة لعمليات السب و التشهير و زرع الفرقة ..و للاسف الشديد حادت على اخلاقيات المهنة و تجاوزت كل الخطوط الاخلاقية و القانونية في التعامل مع عديد الملفات الوطنية  الحارقة ,و ليس بخفي عن الجميع من هي هذه المؤسسات الاعلامية و من يمولها و ماهي الاهداف التي تشتغل لاجلها ......؟؟؟؟ 
فرح العبدولي 28 ديسمبر 2014

تونس فوق الجميع ...لنجعل حب الوطن ايمان ...- فرح العبدولي -




تونس تتسع للجميع .زفلا تعتبر اختلافي معك عداوة .....



...تونس للجميع و بالجميع تنتصر ..احذروا الجهويات ...