" النيوزيلندية ورجل الكهف"!!: حكاية الممرضة النيوزلندية الجميلة التي عشقت البتراء و محمد البدوي ..






       " النيوزيلندية ورجل الكهف"!!
حكاية الممرضة النيوزيلندية الشابة التي سحرتها مفاتن البتراء المحفورة في الصخر الوردي وشخصية "محمد عثمان " الرجولية, فتزوجته وأقامت معه في كهف عمره ألفا عام وتعلمت حياة البدو فطبخت فوق نار الحطب ونقلت الماء على الحمير, وتعلمت العربية وأسلمت وانجبت لزوجها ثلاثة أولاد.

زارتها الملكة أليزابيث وتبادلت معها حديثا وديا برفقة الملكة نور ملكة الأردن.

ردا على سؤال فضولي لمراسل غربي حول السبب الذي دفعها لتترك مدينة مثل لندن وتختار البتراء مكانا لسكناها, أجابت بهدوء وهي تشير إلى زوجها, السبب هو :" هو " 

كتبت عنها الصحف والمجلات الغربية, وظهرت صورتها في مجلة جنوب أفريقية تحت عنوان " النيوزيلندية ورجل الكهف"!!




البداية: كانت بداية القصة جولة سياحية عادية إلى الشرق الأوسط في العام 1978, قامت بها المؤلفة مع صديقة لها, وانتهى بها المطاف في وادي موسى المجاور لمدينة البتراء القديمة, كان كل شيء يسير بشكل اعتيادي في البداية, وفجأة, عند عبور السق وهو الشق الصخري المرتفع الذي يشكل البوابة الطبيعية الحصينة للبتراء القديمة, بدأت كل شيء يأخذ منحى غرائبيا , لحظة انبثاق المشهد المهيب لأجمل أبنية البتراءالرابضة بمهابة في الصخر الوردي مثل لوحة نافرة عملاقة, وبدا الهواء مشبعا بأصوات وروائح آسرة تنطلق من زوايا وشوارع المدينة القديمة التي اعترف العالم أجمع أنها الثانية بين عجائب الدنيا السبع, ثم جاء محمد عثمان البدوي المرح , الرشيق مثل ماعز الجبل ليغلق الدائرة السحرية حول النيوزيلندية الشقراءالتي باتت أسيرة الحب , حب المكان وحب محمد....
من الفندق إلى الكهف: باتت الصديقتان ليلتهما الأولى في فندق " مخيم نزال" وهو الفندق الوحيد في المنطقة والذي اكتسب شهرة بعد أن استضاف الكاتبة البريطانية الشهيرة آجاثا كريستي عام 1938 أثناء كتابة روايتها " موعد مع الموت", ثم جاء محمد عثمان مقترحا على الفتاتين بلغته المباشرة الودودة الانتقال للإقامة في كهفه, المحفور عميقا في الجبل والذي يتطلب الوصول إليه رحلة شاقة على الأقدام , واستجابت الفتاتان لدعوته وأمضتا تلك الليلة في الكهف الذي تركه صاحبه من باب التهذيب والأدب ليبيت ليلته في العراء.
لماذا أحببت محمدا: في طريق العودة من رحلة رائعة لمشاهدة منظر الغروب من فوق قمة تشرف على المدينة القديمة أحست مارغريت لأول مرة بانجذابها إلى محمد : " أيقنت أنني مغرمة بمحمد عندما كان يغني وهو يقودنا عبر واد صخري مليء بنباتات الدفلى..أحببت أسلوبه المليء بالثقة والبهجة, أحببت كوفيته التي أصبحت بالنسبة لي رمزا لخصوصية الرجولة, وحتى بذلته ذات الألوان الغريبة لم تعد قبيحة في نظري...كان محمد وسيما , قويا, ورشيقا...كانت بشرته سمراء وشاربه أسود وابتسامته مشرقة, وفوق ذلك كله فقد كان يطهو طعاما لذيذاً !!".

الزواج: كانت فكرة الزواج والاستقرار في البتراء قرارا يتطلب الكثير من التأني, لذا سافرت مارغريت إلى لندن لتكون بعيدة عن تاثير المكان وإيحاءاته, وبعد ستة أسابيع من التفكير والتأمل قررت أن المكان الذي تحب أن تنتمي إليه وتمضي فيه حياتها هو البتراء حيث سحر المكان ...وسحر " محمد"...
وسريعا بدأت تتعلم حياة البساطة والشظف: الاستيقاظ في الصباح الباكر لإعداد الخبز فوق نار الحطب, نقل الماء من الجدول على ظهر الحمار, والغسيل في مجرى ماء بعيد, واستطاعة بعد مدة التأقلم مع محيطها الجديد, واكتساب محبة واحترام أقارب زوجها وأهل القرية الذين كانوا ينادونها " الست فاطمة", ويفاخرون بأنها قد أصبحت تتكلم العربية وتصوم رمضان أما علاقتها بمحمد فقد ظلت جميلة مليئة بالمودة والحب وقد أنجبت له ثلاثة أولاد : رامي وسلوى ومروان.....
لقاء مع الملكة: في العام 1984 قامت الملكة أليزابيث ملكة بريطانيا بزيارتها الأولى للأردن, وكان مقررا في جولتها زيارة لموقع البتراء الاثري , ولقاء الشخص الوحيد من رعيتها الذي يقيم في هذا المكان!!....انتشر خيالة البادية على الطريق المؤدية إلى البتراء لحماية الموكب الملكي وأُبلغت مارغريت بأن الملكة أليزابيث ستقابلها, وعانت المسكينة الأمرين في البحث عن ثياب لائقة لأولادها من أجل لقاء الملكة بعد أن اعتادت عيشة البساطة والكفاف, وفي الوقت المحدد أدخلوا فاطمة وأولادها إلى الخيمة التي نصبت خصيصا من أجل الملكة الضيفة التي استقبلت مارغريت بلطف تبادلت معها حديثا ودودا تدخلت فيه بلباقة الملكة نور ملكة الأردن آنذاك....وبعد انتهاء اللقاء تدافع المراسلون الغربيون بأسئلتهم الملحاحة يحاصرون مارغريت التي أجابت بهدوء وثقة عن سؤال أحدهم عن السبب الذي دفعها لاختيار هذه البقعة النائية وهذا النوع من الحياة التي تفتقر لوسائل الراحة بدلا من الإقامة في لندن, قائلة وهي تشير إلى زوجها: السبب هو ببساطة " هو "!!.
بعد ذلك بأيام ظهرت عدة مقالات في الصحف والمجلات الغربية عن النيوزيلندية الشقراء التي ترتدي ملابس البدو وتقيم في كهف محفور في الصخر وكانت إحداها بعنوان " النيوزيلندية ورجل الكهف"!!.
أما مارغريت أو فاطمة, فقد تابعت حياتها الهادئة بين عملها في المستوصف القريب والعناية بأسرتها وزوجها, محولة الكهف المحفور عميقا في الصخر القاسي إلى منزل جميل ودافئ.

عماد صباغSee More

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق